قضية التدريب أصبحت قضية هامة وملحة من أجل إعداد المواطنين لسوق العمل ولتطوير مستويات أدائهم .
والطريقة المثلى لمواجهة الحاجة المتسعة والمتشعبة للتدريب هي انتهاج وسائل غير تقليدية بما في ذلك التعليم والتدريب على رأس العمل والتعليم التعاوني واستخدام التقنيات الحديثة مثل VSAT و ISDN ومؤتمرات الفيديو .
تستعرض الورقة مشروعاً أتت دراسته بتمويل من البنك الإسلامي للتنمية ، يهدف إلى التعليم والتدريب على رأس العمل في المجال الصحي . وتطرح الورقة إمكانية استخدام الوسيلة نفسها في التعليم والتدريب على رأس العمل في مجالات أخرى بما في ذلك مجال الصناعة .
وتشير الدراسة بوضوح إلى أن أفضل وسيلة لتطوير مستويات وقدرات العاملين بالقطاع الصحي هي تزويدهم بالمهارات والمعرفة من خلال التعليم والتدريب على رأس العمل (OJET) . ولهذا الغرض قمنا في معهد السباعي بإعداد برنامج متكامل ومتوازن يستهدف الارتقاء بقدرات مواطني المملكة العربية السعودية بخاصة والعالم العربي بعامة ، من أجل تقديم خدمات رعاية صحية بمستويات أعلى مما هو متوفر حالياً .
الهدف من المشروع هو توفير خدمات التعليم والتدريب للعاملين في القطاع الصحي ، وإكسابهم مهارات ومعارف جديدة تساعدهم على زيادة فعالية الأداء في العمل ، إضافة إلى المساعدة في دفع عجلة السعودة في المملكة . ومن المأمول بعد هذه البداية للمشروع في المملكة وتحقيقه للنجاح المرتقب بإذن الله ، أن يتم التوسع في المشروع في بقية دول مجلس التعاون والدول العربية الأخرى .
تشتمل الخطة الأولية التي وضعناها على ثلاثة برامج تعليمية وتدريبية في المجال الصحي تستهدف المساعدة في تقليص حجم الفجوة القائمة بين العرض والطلب في مجال القوى العاملة الصحية .
- الدبلوم المتوسط للمساعدين والتقنيين الصحيين ( DAH ). هذا البرنامج يساعد المساعدين والتقنيين على تطوير قدراتهم ومهاراتهم الفنية والإدارية .
- دبلوم الدراسات العليا في الصحة العامة ( DPH ) . وهو برنامج يساعد على تحسين قدرات ومهارات العاملين في مجال الصحة العامة .
- دبلوم الدراسات العليا في الصحة المدرسية ( DSH ) . ويستهدف هذا البرنامج تدريب المدرسين على أن يكونوا مطورين صحيين .
تتميز هذه البرامج التعليمية للتدريب على رأس العمل بخاصية الاستفادة من أحدث تقنيات ووسائل تعليم وتدريب منسوبي القطاع الصحي . وسوف يتوفر لخريجي هذه البرامج التعليمية القدرة على الاتصال ، والتفكير المستقبلي ، وغير ذلك من الخصائص والمزايا التي يستكملون بها مهارات العمل التي تعلموها من خلال برامج التدريب . كما أن الخريجين الذين سوف يمتلكون أحدث المعارف والمعلومات والمهارات سيكونون قادرين بإذن الله على تلبية الاحتياجات المتزايدة والمتغيرة في مجال توفير خدمات الرعاية الصحية .
سوف يتم إعداد برامج التدريب على رأس العمل للمرحلة الأولى من واقع نتائج عمليات المسح والتحليل التي تشير إلى وجود فجوة واسعة بين العرض والطلب للقوى البشرية العاملة في الحقل الصحي . كما تظهر هذه النتائج أيضاً أن الأعداد المتوفرة حالياً من المتخصصين في مجال الرعاية الصحية من مواطني المملكة وبقية الدول العربية الأخرى لا تسد حاجة القطاعات الصحية . ونتيجة لهذا العجز فإن أعداداً كبيرة من الأجانب تشغل الوظائف التي كان من المفترض أن تشغلها العمالة الوطنية . ومن ثم فإن برامج التعليم والتدريب على رأس العمل سوف تساعد كثيراً في تحقيق هدفين رئيسين :
الأول : التطوير المهني للعاملين في مجال الرعاية الصحية بالمملكة والعالم العربي .
الثاني : الإسهام في تنشيط ودفع عجلة عملية السعودة في القطاع الصحي .
ولقد اختيرت التخصصات الطية بحيث تلبي الاحتياجات المعروفة للسوق ، ويتوقع أن يزداد الطلب على خريجي برامج التعليم والتدريب على رأس العمل ، وذلك اعتماداً على حرص أصحاب العمل (مؤسسات الرعاية الصحية من مستشفيات ومستوصفات وغيرها) على تقديم أعلى مستوى ممكن من الخدمة الصحية . ومن خلال هذا التفاعل والتعاون المشترك والفائدة العائدة على الجميع ( أي المرضى ، والجهات الموفرة للخدمة الصحية وخريجي برنامج التعليم والتدريب على رأس العمل ) يمكن لخدمات الرعاية الصحية أن تتحسن وترتقي على المدى الطويل بالمملكة العربية السعودية وبقية الدول الخليجية والعربية الأخرى المشاركة في البرنامج .
بالإضافة إلى ذلك فإن برامج التعليم والتدريب على رأس العمل سوف تعتمد على أحدث ما توصلت إليه إبداعات التدريب والتعليم في المجال الصحي . وهذه تشمل التعلم من واقع المشاكل القائمة ، والتعلم داخل المجتمع ، والتعلم عن بعد ، وجميعها تعتبر جزءاً من برنامج التدريب أثناء العمل .
وتشير نتائج الدراسات والبحوث العالمية أن هذه الطرق يمكن أن تساعد على تخريج أفراد يشعرون باحتياجات مجتمعاتهم ويتمتعون بالمهارات والخصائص التي تمكنهم من أداء أعمالهم على الوجه المطلوب ، وقبول العمل في المواقع التي تحتاج لخدماتهم مثل المناطق الريفية والمناطق التي تعاني من نقص الخدمات الصحية . وهذه سمة فريدة في برنامج التعليم والتدريب على رأس العمل ، ذلك أنه ينفذ في بيئة ومحيط عمل يشابه البيئة والأجواء التي سيعمل فيها العامل الصحي في المستقبل .
نقوم حالياً بإعداد المناهج التدريبية بالتعاون مع المؤسسات التعليمية المعروفة عالمياً . وسوف تشتمل البرامج التدريبية على أحدث التخصصات المستهدفة حتى يتم إعداد الخريجين إعداداً جيداً لأداء خدمات الرعاية الصحية المتقدمة ، وسوف تجتذب هذه البرامج المتدربين لأنها برامج معترف بها ومعتمدة من الجامعات . ولأنها مرتبطة باحتياجات السوق ، ووثيقة الصلة بالمؤسسات التعليمية الدولية .
لقد قمنا منذ وقت مبكر بالاتصال بالجهات المختصة التي يمكن أن تتعاون معنا في هذا المجال مثل وزارة الصحة ، ومؤسسات القطاع الصحي الخاص ، من أجل ضمان استيفاء البرنامج للمتطلبات التعليمية والتدريبية التي تنشدها هذه الجهات .
وسوف تكون الدراسة لكل من هذه البرامج سنتين أكاديميتين يحصل بعدها الدارس على دبلوم في مجال التخصص المختار .